ثم التفت عليه السلام إلي فقال: ما هذا الكآبة يا أم سلمة؟ قالت: لما كان من ردك إياي يا رسول الله، فقال: والله ما رددتك عن موجدة وانك لعلى خير من الله ورسوله، ولكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعلى عن يساري، وجبرئيل يخبرني بالاحداث التي تكون بعدي وأمرني أن أوصى بذلك عليا.
يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا، وأخي في الآخرة. يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي في الدنيا والآخرة (وحامل) لواء الحمد في الآخرة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين قلت: يا رسول الله من الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة، قلت: من القاسطون؟ قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام، قلت من المارقون؟ قال: أصحاب النهروان، فقال مولى أم سلمة:
فرجت عنى فرج الله عنك والله لا سببت عليا أبدا.
قلت: أبعد الله هذا العبد وأبعد داره، ولا قرب منزله ولا أدنى جواره، لأنه حين كان مبغضا لأمير المؤمنين عليه السلام كان ذا عقيدة ذميمة وطريقة غير مستقيمة، فلما عرف الصواب تاب عن سبه ولم يمل إلى صحبته، ولا قال أعتقد ما يجب منه حبه وأكون معه ومن حزبه، وهل يرضى بذلك إلا من غطى الله على عينه وقلبه.
ورضى الله عن أم المؤمنين أم سلمة فلقد أدت الأمانة في مقالها، وقدمت هذه الشهادة أمام ارتحالها عن الدنيا وانتقالها، وستجني رحمها الله