بحيث مرادك، وإن توفيقي إلا بالله.
قال: إني أخبرك يا علي إن الله يختبر أولياء على قد إيمانهم ومنازلهم من دينه، فأشد الناس بلاءا الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد امتحنك الله يا ابن أم وامتحني فيك بمثل ما امتحن الله به خليله إبراهيم، والذبيح إسماعيل فصبرا صبرا فان رحمة الله قريب من المحسنين، ثم ضمه النبي صلى الله عليه وآله إلى صدره وبكى وجدا به وبكى علي عليه السلام حزنا لفراق رسول الله صلى الله عليه وآله.
واستتبع رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة وأمرهما أن ينتظراه بمكان عينه لهما من طريقه إلى الغار، ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله بمكانه يوصى عليا ويأمره بالصبر، وخرج في فحمة العشاء، والرصد من قريش قد طافوا بالدار ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الأعين، فخرج وهو يقرأ: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا) الآية، ورماهم بقبضة من تراب فما شعروا به ومضى حتى انتهى إلى صاحبيه، فنهضا معه ووصلوا إلى الغار ورجع هند إلى مكة بما أمره به النبي صلى الله عليه وآله ودخل هو وأبو بكر إلى الغار.
فلما نامت الأعين أقبل القوم إلى على قذفا بالحجارة ولا يشكون أنه رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى إذا برق الفجر وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي عليه السلام وكانت دور مكة يومئذ بغير أبواب، فلما بصر بهم على قد انتضوا السيوف وأقبلوا يقدمهم خالد بن الوليد وثب به على فختله وهمز يده وأخذ سيفه وشد عليهم فأجفلوا فعرفوه وقالوا، إنا لم نردك فما فعل صاحبك فقال: لا علم لي، فأذكت قريش عليه العيون وركبت في طلبه الصعب والذلول ولما اعتم على انطلق هو وهند إلى الغار وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله هندا أن يبتاع له ولصاحبه بعيرين، فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي ولك