على أنه عليه السلام أحق بمقام الرسول عليه وآله السلام، وأولى بالإمامة والخلافة من جهة أنها إذا دلت على الفضل الأكيد، والاختصاص الشديد، وعلو الدرجة، وكمال المرتبة، علم ضرورة أنها أقوى الأسباب والوصلات إلى أشرف الولايات. لأن الظاهر في العقل أن من كان أبهر فضلا، وأجل شأنا، وأعلى في الدين مكانا، فهو أولى بالتقديم، وأحق بالتعظيم، والإمامة، وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي أعلا منازل الدين بعد النبوة، فمن كان أجل قدرا في الدين، وأفضل وأشرف على اليقين، وأثبت قدما، وأوفر حظا فيه، فهو أولى بها، ومن دل على ذلك من حاله دل على إمامته.
ولأن العادة قد جرت فيمن يرشح لجليل الولايات، ويؤهل لعظيم الدرجات، أن يصنع به بعض ما تقدم ذكره، يبين ذلك أن بعض الملوك لو تابع بين أفعال وأقوال في بعض أصحابه طول عمره وولايته يدل على فضل شديد، وقرب منه في المودة والخالصة والاتحاد، لكان عند أرباب العادات بهذه الأفعال مرشحا له لأفضل المنازل، وأعلى المراتب بعده، ودالا على استحقاقه لذلك. وقد قال قوم من أصحابنا: إن دلالة العقل ربما كانت آكد من دلالة القول لأنها أبعد من الشبهة، وأوضح في الحجة، مات حيث إن ما يختص بالفعل لا يدخله المجاز ولا يتحمل التأويل، وأما القول فيحتمل ضروبا من التأويل ويدخله المجاز وبالله التوفيق.
فصل:
وأما النص المختص بالقول فينقسم قسمين: النص الجلي، والنص الخفي. فالنص الجلي: هو ما علم سامعوه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مراده منه ضرورة وإن كنا نعلم الآن ثبوته.