(الفصل الثاني) في ذكر اعتراف مشركي قريش بما في القرآن من الإعجاز وأنه لا يشبه شيئا من لغاتهم مع كونهم من أرباب اللغة والبيان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكف عن عيب آلهة المشركين ويقرأ عليهم القرآن فيقولون: هذا شعر محمد، ويقول بعض:
بل هو كهانة، ويقول بعضهم: بل هو خطب.
وكان الوليد بن المغيرة شيخا كبيرا، وكان من حكام العرب يتحاكمون إليه في الأمور وينشدونه الأشعار، فما اختاره من الشعر كان مختارا، وكان له بنون لا يبرحون مكة، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، وملك القنطار في ذلك الزمان، والقنطار جلد ثور مملوء ذهبا، وكان من المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان عم أبي جهل بن هشام، فقالوا له: يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد أسحر أم كهانة أم خطب؟
فقال: دعوني أسمع كلامه.
فدنا من رسول الله وهو جالس في الحجر فقال: يا محمد أنشدني من شعرك.
فقال: (ما هو شعر ولكنه كلام الله الذي بعث أنبياءه ورسله).
فقال: أتل علي منه.
فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (بسم الله الرحمن الرحيم) فلما سمع الرحمن استهزأ فقال: تدعو إلى رجل باليمامة يسمى