(الفصل الثالث) في ذكر سبب قتل أمير المؤمنين عليه السلام روى جماعة (من) أهل السير: أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الامراء وعابوهم وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم فقال بعضهم لبعض: لو شرينا أنفسنا لله وثأرنا لإخواننا الشهداء، وأرحنا من أئمة الضلالة البلاد والعباد.
فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله: أنا أكفيكم عليا.
وقال البرك بن عبد الله التميمي: أنا أكفيكم معاوية.
وقال عمرو بن بكر التميمي: أنا أكفيكم عمرو بن العاص.
وتعاهدوا على ذلك وتواعدوا ليلة تسع عشر من شهر رمضان.
فأقبل ابن ملجم - عدو الله - حتى قدم الكوفة كاتما أمره، فبينا هو هناك إذ زار أحدا من أصحابه من تيم الرباب، فصادف عنده قطام بنت الأخضر التيمية - وكان أمير المؤمنين عليه السلام قتل أباها وأخاها بالنهروان وكانت من أجمل نساء زمانها - قال: فلما رآها ابن ملجم شغف بها، فخطبها فأجابته إلى ذلك على أن يصدقها ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب!!
فقال لها: لك جميع ما سألت، فأما قتل علي فأنى لي ذلك؟
قالت: نلتمس غرته، فإن قتلته شفيت نفسي وهناك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا!!
فقال: ما أقدمني هذا المصر إلا ما سألتني من قتل علي، فلك ما سألت.