(الفصل الثامن) في ذكر مكر المشركين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجتماعهم في دار الندوة لذلك، وذكر هجرته صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وما كان من استقبال الأنصار إياه، ونزوله وما ظهر من آثار النبوة واثارها، ومختصر من أخباره إلى أن امر بالقتال ثم اجتمعت قريش في دار الندوة وكانوا أربعين رجلا من أشرافهم، وكان لا يدخلها إلا من أتى له أربعون سنة سوى عتبة بن ربيعة فقد كان سنه دون الأربعين، فجاء الملعون إبليس في صورة شيخ فقال له البواب: من أنت.
قال: أنا شيخ من نجد.
فاستأذن فاذنوا له، وقال: بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل، فجئتكم لأشير عليكم، فلا يعدمكم مني رأي صائب.
فلما أخذوا مجلسهم قال أبو جهل: يا معشر قريش، إنه لم يكن أحد من العرب أعزمنا ونحن في حرم الله وأمنه تفد إلينا العرب في السنة مرتين ولا يطمع فينا طامع، حتى نشأ فينا محمد، فكنا. نسميه الأمين لصلاحه وأمانته، فزعم أنه رسول الله، وسب آلهتنا، وسفه أحلامنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، وقد رأيت فيه رأيا، وهو أن ندس إليه رجلا يقتله، فإن طلبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات.
فقال إبليس: هذا رأي خبيث، فإن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على الأرض أبدا، وتقع بينكم الحروب في حرمكم.
فقال اخر: الرأي أن نأخذه فنحبسه في بيت ونثبته فيه ونلقي إليه قوته