(الفصل السابع) في ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه على قبائل العرب، وما جاء من بيعة الأنصار إياه على الإسلام، وحديث العقبة في كتاب دلائل النبوة: عن الزهري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم، ويكلم كل شريف قوم، لا يسألهم مع ذلك إلا أن يؤووه ويمنعوه ويقول: (لا أكره أحدا منكم على شئ، من رضي منكم بالذي أدعوه إليه، فذاك، ومن كره لم أكرهه، إنما أريد أن تحرزوني مما يراد بي من القتل حتى أبلغ رسالات ربي، وحتى يقضي الله عز وجل لي ولمن صحبني ما شاء الله) فلم يقبله أحد منهم ولم يأت أحدا من تلك القبائل إلا قال: قوم الرجل أعلم به، أترون أن رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه ولفظوه؟!
فلما توفي أبو طالب اشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد ما كان، فعمد لثقيف بالطائف رجاء أن يؤووه، فوجد ثلاثة نفر منهم هم سادة ثقيف يومئذ، وهم إخوة: عبد يا ليل بن عمرو، وحبيب بن عمرو، ومسعود بن عمرو، فعرض عليهم نفسه وشكا إليهم البلاء وما انتهك منه قومه، فقال أحدهم: أسرق أستار الكعبة إن كان الله بعثك بشئ قط.
وقال الاخر: أعجز على الله أن يرسل غيرك؟
وقال الاخر: والله لا أكتمك بعد مجلسك هذا أبدا، والله لئن كنت رسول الله لأنت أعظم شرفا وحقا من أن أكلمك، ولئن كنت تكذب على الله لأنت شر من أن أكلمك.