قال بريدة: فصار علي أحب خلق الله بعد رسوله إلي (1).
فصل:
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفد نجران فيهم بضعة عشر رجلا من أشرافهم، وثلاثة نفر يتولون أمورهم: العاقب وهو أميرهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره واسمه عبد المسيح، والسيد وهو ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة الأسقف وهو حبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وله فيهم شرف ومنزلة، وكانت ملوك الروم قد بنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم من علمه واجتهاده في دينهم.
فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جلس أبو حارثة على بغلة وإلى جنبه أخ له يقال له: كرز - أو بشر - بن علقمة يسايره إذ عثرت بغلة أبي حارثة، فقال كرز: تعس الأبعد - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -.
فقال له أبو حارثة: بل أنت تعست.
قال له: ولم يا أخ؟
فقال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر.
فقال كرز: فما يمنعك أن تتبعه؟
فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا ومولونا وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى. فأضمر عليها منه أخوه كرز حتى أسلم ثم مر يضرب راحلته ويقول: