(الفصل الرابع) في ذكر بعض مناقبه وفضائله عليه السلام روى الحسين بن علوان، عن أبي علي زياد بن رستم، عن سعيد بن كلثوم قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فمدحه بما هو أهله، ثم قال:
(والله ما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الأمة غيره، وإن كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار مما كده بيده ورشح منه جبينه، وما كان لباسه إلا الكرابيس إذا فضل شئ عن يده من كمه دعا بالجلم (1) فقصه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه من علي بن الحسين زين العابدين عليهم السلام. ولقد دخل أبو جعفر ابنه عليه السلام عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه سن السهر، ورمصت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، فقال أبو جعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء، فبكيت رحمة له، وإذا هو يفكر فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي، فقال يا بني:
أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي عليه السلام، فأعطيته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من يده تضجرا وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي