ولكن لا علم له ومتكلم ولكن لا كلام له وهكذا في سائر الصفات على مذهب المعتزلة فمن قال بالمأل لما يؤديه إليه قوله ويسوقه إليه مذهبه كفره لأنه إذا نفى العلم انتفى وصف عالم إذ لا يوصف بعالم إلا من له علم فكأنهم صرحوا عنده بما أدى إليه قولهم وهكذا عند هذا سائر فرق أهل التأويل من المشبهة والقدرية وغيرهم ومن لم ير أخذهم بمأل قولهم ولا ألزمهم موجب مذهبهم لم ير إكفارهم قال لأنهم إذا وقفوا على هذا قالوا لا نقول ليس بعالم ونحن ننتفي من القول بالمأل الذي ألزمتموه لنا ونعتقد نحن وأنتم أنه كفر بل نقول إن قولنا لا يؤول إليه على ما أصلناه فعلى هذين المأخذين اختلف الناس في إكفار أهل التأويل وإذا فهمته اتضح لك الموجب لاختلاف الناس في ذلك والصواب ترك إكفارهم والإعراض عن الحتم عليهم بالخسران وإجراء حكم الإسلام عليهم في قصاصهم ووراثاتهم ومناكحاتهم ودياتهم والصلواة عليهم ودفنهم في مقابر المسلمين وسائر معاملاتهم لكنهم يغلظ عليهم بوجيع الأدب وشديد الزجر والهجر حتى يرجعوا عن بدعتهم وهذه كانت سيرة الصدر الأول فيهم فقد كان نشأ على زمن الصحابة وبعدهم في التابعين من قال بهذه الأقوال من القدر ورأى الخوارج والاعتزال فما أزاحوا لهم قبرا ولا قطعوا لأحد منهم ميراثا لكنهم هجروهم وأدبوهم بالضرب والنفي والقتل على قدر أحوالهم لأنهم فساق ضلال عصاة أصحاب كبائر
(٢٩٤)