مغازيه لئلا يأخذ العدو حذره وكما روى من ممازحته ودعابته لبسط أمته وتطبيب قلوب المؤمنين من صحابته وتأكيدا في تحببهم ومسرة نفوسهم كقوله لأحملنك على ابن الناقة وقوله للمرأة التي سألته عن زوجها: (أهو الذي بعينه بياض؟) وهذا كله
صدق لأن كل جمل ابن ناقة وكل إنسان بعينه بياض؟) وقد قال صلى الله عليه وسلم (إني لأمزح ولا أقول إلا حقا، هذا كله فيما بابه الخبر * فأما ما بابه غير الخبر مما صورته صورة الأمر والنهى في الأمور الدنيوية فلا يصح منه أيضا ولا يجوز عليه أن يأمرا أحدا بشئ أو ينهى أحدا عن شئ وهو يبطن خلافه وقد قال صلى الله عليه وسلم (ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين) فكيف أن تكون له خائنة قلب؟ فإن قلت فما معنى قوله تعالى في قصة زيد (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك) الآية؟ فاعلم أكرمك الله ولا تسترب في تنزيه
النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الظاهر وأن يأمر زيدا بإمساكها وهو يحب تطليقه إياها كما ذكر عن جماعة من المفسرين وأصح ما في هذا ما حكاه أهل التفسير عن علي بن حسين أن الله تعالى كان أعلم نبيه أن زينب ستكون من أزواجه فلما
____________________
(قوله ودعابته) بضم الدال المهملة أي مزاحه (قوله لأحملنك على ابن الناقة) هو بكسر الكاف خطاب لحاضنته أم أيمن لما روى سعد بإسناده أن أم أيمن جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت احملني قال (أحملك على ولد الناقة) فقالت إليه إنه لا يطيقني. فقال (لا أحملك إلا على ولد الناقة والإبل كلها ولد النوق) (قوله خائنة الأعين) قال ابن الصلاح في مشكله قيل هي الإيماء بالعين وقيل مفارقة النظر (قوله في قصة زيد) هو ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه في غزوة مؤنة (قوله أن زينب) هي بنت جحش وفى أزواجه عليه السلام زينب أخرى بنت