ثم قال (
والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين) فإن قدر أنه من أسمائه صلى الله عليه وسلم وصح فيه أنه قسم كان فيه من التعظيم ما تقدم ويؤكد فيه القسم عطف القسم الآخر عليه وإن كان بمعنى النداء فقد جاء قسم آخر بعده لتحقيق رسالته
والشهادة بهدايته أقسم الله تعالى باسمه وكتابه أنه لمن المرسلين بوحيه إلى عباده وعلى صراط مستقيم من إيمانه أي طريق لا اعوجاج فيه ولا عدول عن الحق، قال النقاش: لم يقسم الله تعالى لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلا له. وفيه من تعظيمه وتمجيده على تأويل من قال إنه يا سيد ما فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وقال تعالى (لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد) قيل لا أقسم به إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه حكاه مكي، وقيل لا زائدة أي أقسم به وأنت به يا محمد حلال أو حل لك ما فعلت فيه على التفسيرين، والمراد بالبلد عند هؤلاء
مكة، وقال الواسطي أي يحلف لك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا وببركتك ميتا يعنى المدينة والأول أصح لأن السورة مكية وما بعده يصححه قوله تعالى (حل بهذا البلد) ونحوه قول ابن عطاء في تفسير قوله تعالى (وهذا البلد الأمين) قال أمنها الله تعالى بمقامه فيها وكونه بها فإن كونه أمان حيث كان
____________________
(قوله قال النقاش) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي البغدادي المقرى المفسر.