مددا (1)، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا.
قال: ثم حمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق منهم أحد إلا لفحه بسيفه لفحة ألحقه بالأرض والسهام تقصده من كل ناحية وهو يتلقاها بصدره ونحره وهو يقول (2): يا أمة السوء! فبئس ما أخلفتم محمدا في أمته وعترته، أما إنكم لن تقتلوا (2) بعدي عبدا من عباد (3) الله فتأهبوا قتله بل يهون عليكم عند قتلكم إياي، وأيم الله! إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. قال: فصاح به الحصين بن نمير (4) السكوني فقال: يا بن فاطمة! وبماذا ينتقم لك منا؟ قال: يلقي بأسكم بينكم ويفسك دماءكم ثم (5) يصب عليكم العذاب صبا. قال: فصاح الشمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - بأصحابه فقال: ما وقوفكم وماذا تنتظرون بالرجل (6) وقد أوثقته السهام؟ احملوا عليه، ثكلتكم أمهاتكم! قال:
فحملوا عليه من كل جانب، قال: وأوثقته الجراح بالسيوف فضربه رجل يقال له زرعة بن شريك التميمي - لعنه الله - ضربة على يده اليسرى، وضربه عمرو بن طلحة الجعفي (7) - لعنه الله - على حبل عاتقه من ورائه ضربة منكرة، ورماه سنان بن أنس (8) النخعي - لعنه الله - بسهم، فوقع السهم في نحره، وطعنه صالح بن وهب اليزني (9) - لعنه الله - طعنة في خاصرته، فسقط الحسين رضي الله عنه عن فرسه إلى الأرض واستوى قاعدا ونزع السهم من نحره وأقرن كفيه فكلما امتلأنا (10) من دمه خضب به رأسه ولحيته وهو يقول: هكذا حتى ألقى ربي بدمي مغصوبا على حقي!
قال: وأقبل عمر (11) بن سعد حتى وقف عليه وقال لأصحابه: انزلوا إليه فخذوا