يقول: أيها الناس! من يبع (1) نفسه يربح هذا اليوم، فإنه يوم له ما بعده من الأيام، أما والله، أن لو لا أن تعطل الحدود وتبطل الحقوق ويظهر الظالمون وتفوز كلمة الشيطان ما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبة، ألا! إن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء، والصبر خير عواقب الأمور، ألا! أنها إحن بدرية و ضغائن أحديه وأحقاد جاهلية وثب بها معاوية حين الغفلة ليذكر بها ثارات بني عبد شمس: (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون) (2).
قال: فقالت المهاجرون والأنصار: يا أمير المؤمنين! إننا كنا نقاتل معك إلى الساعة على بصيرة ويقين أنك على الحق الواضح، والآن فقد ازددنا بصيرة ويقينا بعد إذ قتل بين يديك مثل عمار بن ياسر، فتقدم أمامنا وها نحن من ورائك.
قال: فتقدم علي ومعه نيف على عشرة آلاف (3) من بني مذحج ممن يريد الموت قد وضعوا أسيافهم على عواتقهم ما يبين منهم إلا الحدق، وعلي رضي الله عنه يقدمهم وهو يقول:
دبوا دبيب النمل لا تفوتوا * وأصبحوا في حربكم وبيتوا كي ما تنالوا الدين (4) أو تموتوا * أو لا فإني طال ما عصيت قد قلتم لو جئتنا فجئت * ليس لكم ما شئتم فشئت بل ما يريد المحيي المميت قال: وتبعه عدي بن حاتم الطائي وهو يقول:
أبعد عمار وبعد هاشم * وابن بديل فارس الملاحم ترجو البقا من بعد يا بن حاتم (5) * فقد عضضنا أمس بالأباهم فاليوم لا يقرع سن نادم * لا بد أن يحمى حمى المحارم ليس امرء من يومه بسالم قال: وتبعه مالك الأشتر وهو يقول: