كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٦٩
خالد بن الوليد وحبيب بن مسلمة والضحاك بن قيس وجماعة من عرب الشام، فأقبلوا حتى وقفوا قريبا من عسكر علي رضي الله عنه. ثم بعثوا إليه يسألونه أن يأذن لهم في كلامه، فقال علي رضي الله عنه ما أمنعهم من ذلك. قال: فأقبلوا حتى دخلوا العسكر، ثم صاروا إلى علي وهو في خيمته، فسلموا، فرد عليهم السلام، و مجلسه يومئذ غاص بالمهاجرين والأنصار، فقال: تكلموا بما أحببتم! فقال عمرو بن العاص: بل أنت فتكلم يا أبا الحسن! فإنك أول من آمن بربنا وبقي حقك العظيم على الناس، وأنت أول من صدق بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، وصلى إلى قبلتنا، ووحد الله قبلنا، فقال علي: إن أول كلامي أن أثني على الله ربي أحسن الثناء طول الحياة وبعد الممات، وأحمده على طول العافية وحسن البلاء، وفي كل حال من شدة ورخاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين وخاتما للنبيين، فأدى عن الله ما أمره، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وسلم كثيرا، ثم إن الله تبارك وتعالى قد ابتلانا أيتها الأمة بما ترون، والمستعان بالله ولا قوة إلا بالله، وبعد فالله يعلم أني كنت كارها أن أتولى شيئا من أمور أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن قوما أنكروا على عثمان فاجتمعوا على قتله، فقتلوه وأنا جالس في منزلي لا آمر ولا ناه، وإنما قتلوه وتذاكروا عني بالبيعة فكرهت ذلك، ثم إن توكلت على الله وأحببت أن يكون بقية عمري في صلاح أمور الأمة، فبايعت القوم على العمل بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إن جماعة ممن بايعني غدر بي ونكث بيعتي، فقد حكم الله بيني وبين بعضهم، والله للباقين بالمرصاد، ألا! وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبي الله، فإن تجيبوا إلى ذلك فارشد أصبتم وللخير وفقتم، وإن تأبوا ذلك لم تروا من الله إلا بعدا - والسلام -.
قال: فلما فرغ علي من كلامه تكلم عمرو بن العاص، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن عثمان - رضي الله عنه وجعل ما أصابه كفارة لذنوبه - قد كان أفضل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم حسبا ونسبا وقدما وصهرا، فالله حسيب قاتله وخاذله، و أيم الله إننا لنعلم أن عليا ومن معه من المهاجرين والأنصار قد كانت لهم سوابق قديمة عظيمة وفضل لا يجهل، وقد رأينا رأيا نسأل الله تعالى فيه التوفيق لما يحب ويرضى، ولعل الله تبارك وتعالى يحقن دماءنا ويصلح ذات البين، وهؤلاء أشرافنا من أهل الشام قد اجتمعوا لذلك، وكذلك أشراف أهل العراق مجتمعون يا أبا الحسن و أنتم يا معشر من حضر.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191