وباعده أبو موسى. فرجع عمرو مغموما. فخرج عمرو ومعه ابن عم له غلام شاب، وهو يقول:
يا عمرو إنك للأمور مجرب * فارفق ولا تقذف برأيك أجمع واستبق منه ما استطعت فإنه * لا خير في رأي إذا لم ينفع واخلع معاوية بن حرب خدعة * يخلع عليا ساعة وتصنع واجعله قبلك ثم قل ما بعده * اذهب فما لك في ابن هند مطمع تلك الخديعة إن أردت خداعه * والراقصات إلى منى، خذ أودع فافترصها عمرو (1) وقال: يا أبا موسى، ما رأيك؟ قال: رأيي أن أخلع هذين الرجلين، ثم يختار الناس لأنفسهم من أحبوا. فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون، فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه فقال: إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة. قال عمرو: صدق!
ثم قال: يا أبا موسى فتكلم. فتقدم أبو موسى ليتكلم فدعاه ابن عباس فقال:
ويحك، إني لأظنه قد خدعك، إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه قبلك فيتكلم بذلك الأمر قبلك ثم تكلم أنت بعده، فإن عمرا رجل غدار، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه، فإذا قمت به في الناس خالفك.
وكان أبو موسى رجلا مغفلا - فقال: [إيها عنك] إنا اتفقنا. فتقدم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة، فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها وألم لشعثها من ألا تتباين أمورها (2). وقد أجمع رأيي ورأي صاحبي عمرو على خلع علي ومعاوية، و [أن] نستقبل هذا الأمر فيكون شورى بين المسلمين، فيولون أمورهم من أحبوا. وإني قد خلعت عليا