وبلغنا في حديث آخر أن عبيد الله بن عمر بعثه معاوية في أربعة آلاف وثلاثمائة - وهي كتيبة الخضرية الرقطاء، وكانوا قد أعلموا بالخضرة - ليأتوا عليا من ورائه. قال أبو صادق. فبلغ عليا أن عبيد الله بن عمر قد توجه ليأتيه من ورائه، فبعث إليهم أعدادهم ليس منهم إلا تميمي. واقتتل الناس من لدن اعتدال النهار إلى صلاة المغرب، ما كانت صلاة القوم إلا التكبير عند مواقيت الصلاة. ثم إن ميسرة العراق كشفت ميمنة أهل الشام فطاروا في سواد الليل، وأعاد عبيد الله والتقى هو وكرب - رجل من عكل - فقتله وقتل الذين معه جميعا، وإنما انكشف الناس لوقعة كرب، فكشف أهل الشام أهل العراق فاختلطوا في سواد الليل وتبدلت الرايات بعضها ببعض، فلما أصبح الناس وجد أهل الشام لواءهم وليس حوله إلا ألف رجل، فاقتلعوه وركزوه من وراء موضعه الأول، وأحاطوا به، ووجد أهل العراق لواءهم مركوزا وليس حوله إلا ربيعة، وعلي عليه السلام بينها، وهم يحيطون به، وهو لا يعلم من هم ويظنهم غيرهم. فلما أذن مؤذن على حين طلع الفجر قال علي يا مرحبا بالقائلين عدلا * وبالصلاة مرحبا وأهلا فلما صلى على الفجر أبصر وجوها ليست بوجوه أصحابه بالأمس، وإذا مكانه الذي هو به ما بين الميسرة والقلب بالأمس، فقال: من القوم؟ قالوا:
ربيعة، وقد بت فيهم تلك الليلة (1). قال: فخر طويل لك يا ربيعة. ثم قال لهاشم: خذ اللواء، فوالله ما رأيت مثل هذه الليلة. ثم خرج نحو القلب حتى ركز اللواء به.
[نصر: حدثنا عمرو بن شمر، عن الشعبي قال: عبا معاوية تلك الليلة أربعة آلاف وثلاثمائة من فارس وراجل معلمين بالخضرة، وأمرهم أن يأتوا عليا