وقعة صفين - ابن مزاحم المنقري - الصفحة ٢٩٦
كل منظر، أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، يقضي فيفصل، ويقدر فيغفر، ويفعل ما يشاء، إذا أراد أمرا أمضاه، وإذا عزم على أمر قضاه، لا يؤامر أحدا فيما يملك، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. والحمد لله رب العالمين على ما أحببنا وكرهنا. ثم كان فيما قضى الله أن ساقتنا المقادير (1) إلى هذه البقعة من الأرض، ولف بيننا وبين أهل العراق، فنحن من الله بمنظر. وقد قال سبحانه: (ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ". انظروا يا معاشر أهل الشام فإنما تلقون غدا أهل العراق، فكونوا على إحدى ثلاث أحوال: إما أن تكونوا قوما طلبتم ما عند الله في قتال قوم بغوا علكم فأقبلوا من بلادهم حتى نزلوا في بيضتكم، وإما أن تكونوا قوما تطلبون بدم خليفتكم وصهر نبيكم صلى الله عليه، وإما أن تكونوا قوما تذبون عن نسائكم وأبنائكم.
فعليكم بتقوى الله والصبر الجميل. أسأل الله لنا ولكم النصر، وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين ".
فقام ذو الكلاع فقال: يا معاوية:
إنا لنحن الصبر الكرام (2) * لا ننثني عند الخصام بنو الملوك العظام * ذوو النهى والأحلام لا يقربون الآثام فلما سكت قال له معاوية: صدقت.
نصر قال: أخبرني عمر بن سعد قال: أخبرني رجل عن جيفر بن أبي

(1) في الأصل: " وساقتنا المقادير " صوابه في ح (1: 497).
(2) كذا ورد هذا الشعر على ما به من اضطراب ظاهر في الوزن. وهو أشبه ما يكون بالنثر والتسجيع. وفي ح: " نحن الصبر الكرام ".
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست