عمرو: لقد أنصفك الرجل. فقال معاوية: إني لا كره أن أبارز الأهوج الشجاع (1)، لعلك طمعت فيها يا عمرو. [فلما لم يجب] قال علي: " وانفساه، أيطاع معاوية وأعصى؟ ما قاتلت أمة قط أهل بيت نبيها وهي مقرة بنبيها إلا هذه الأمة ".
ثم إن عليا أمر الناس أن يحملوا على أهل الشام، فحملت خيل علي على صفوف أهل الشام، فقوضت صفوفهم. قال عمرو يومئذ: على من هذا الرهج الساطع؟ فقيل: على ابنيك عبد الله ومحمد. فقال عمرو: يا وردان، قدم لواءك.
فتقدم فأرسل إليه معاوية: " إنه ليس على ابنيك بأس، فلا تنقض الصف والزم موقعك ". فقال عمرو: هيهات هيهات!
الليث يحمي شبليه * ما خيره بعد ابنيه فتقدم [باللواء] فلقى الناس وهو يحمل، فأدركه رسول معاوية فقال:
إنه ليس على ابنيك بأس فلا تحملن. فقال له عمرو: قل له: إنك لم تلدهما، وإني أنا ولدتهما. وبلغ مقدم الصفوف فقال له الناس: مكانك، إنه ليس على ابنيك بأس، إنهما في مكان حريز. فقال: أسمعوني أصواتهما حتى أعلم أحيان هما أم قتيلان؟ ونادى: يا وردان، قدم لواءك قدر قيس قوسي (2)، ولك فلانة - جارية له - فتقدم بلوائه.
فأرسلي علي إلى أهل الكوفة: أن احملوا. وإلى أهل البصرة: أن احملوا.
فحمل الناس من كل جانب فاقتتلوا قتالا شديدا، فخرج رجل من أهل الشام فقال: من يبارز؟ فخرج إليه رجل من أصحاب علي فاقتتلا ساعة، ثم إن العراقي