وقعة صفين - ابن مزاحم المنقري - الصفحة ١٦٤
والضعيف ومن لا ذنب له. هذا والله أول الجور. لقد شجعت الجبان، وبصرت المرتاب، وحملت من لا يريد قتالك على كتفيك. فأغلظ له معاوية، وقال لعمرو: اكفني صديقك. فأتاه عمرو فأغلظ، فقال الهمداني في ذلك:
لعمرو أبى معاوية بن حرب * وعمرو ما لدائهما دواء سوى طعن يحار العقل فيه * وضرب حين يختلط الدماء فلست بتابع دين ابن هند * طوال الدهر ما أرسى حراء لقد ذهب العتاب فلا عتاب * وقد ذهب الولاء فلا ولاء وقولي في حوادث كل أمري (1) * على عمرو وصاحبه العفاء ألا لله درك يا ابن هند * لقد برح الخفاء فلا خفاء (2) أتحمون الفرات على رجال * وفي أيديهم الأسل الظماء وفي الأعناق أسياف حداد * كأن القوم عندهم نساء (3) فترجو أن يجاوركم علي * بلا ماء وللأحزاب ماء دعاهم دعوة فأجاب قوم * كجرب الإبل خالطها الهناء قال: ثم سار الهمداني في سواد الليل، فلحق بعلي. قال: ومكث أصحاب على يوما وليلة بغير ماء، واغتم على بما فيه أهل العراق.
نصر: محمد بن عبيد الله، عن الجرجاني، قال: خرج على لما أغتم بما فيه أهل العراق من العطش قبل رايات مذحج، وإذا رجل ينادي:
أيمنعنا القوم ماء الفرات * وفينا الرماح وفينا الحجف (4)

(1) ح: " كل خطب ".
(2) يقال برح الخفاء بكسر الراء وفتحها: أي ظهر ما كان خافيا وانكشف. وفي الأصل: " ذهب الحياء فلا حياء "، وأثبت ما في ح.
(3) في الأصل: " عندكم "، والصواب ما أثبت من ح.
(4) الحجف: جمع حجفة، وهي الترس من جلود الإبل يطارق بعضها ببعض. وانظر مقاييس اللغة " حجف ".
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست