قال: وقال الأشعث: يا أمير المؤمنين، قد غلب الله لك على الماء. قال على: أنت كما قال الشاعر:
تلاقين قيسا وأتباعه * فيشعل للحرب نارا فنارا أخو الحرب إن لقحت بازلا * سما للعلى وأجل الخطارا (1) فلما غلب على علي الماء فطرد عنه أهل الشام بعث إلى معاوية: " إنا لا نكافيك بصنعك، هم إلى الماء فنحن وأنتم فيه سواء ". فأخذ كل واحد منهما بالشريعة مما يليه، وقال علي عليه السلام لأصحابه: أيها الناس، إن الخطب أعظم من منع الماء. وقال معاوية: لله در عمرو، ما عصيته في أمر قط إلا أخطأت الرأي فيه. قال: فمكث معاوية أياما لا يكلم عمرا، ثم بعث إليه، فقال: يا عمرو، كان فلتة من رأي أعقبتني بخطائها (2) وأمت ما كان قبلها من الصواب، أما والله لو تقايس [صوابك (3)] بخطائك لقل صوابك.
فقال عمرو: قد كان كذا فرأيت احتجت إلى رأيك، وما خطاؤك اليوم حين أعذرت إليك أمس، وكذلك أنالك غدا إن عصيتني اليوم. فعطف عليه معاوية، ورضى عنه، وبات على مشق الحيل (4) حتى أصبح، ثم غاداهم على القتال، وعلى رايته يومئذ هاشم بن عتبة المرقال. قال: ومعه الحدل التي يقول فيها الأشتر:
إنا إذا ما احتسبنا الوغى * أدرنا الرحى بصنوف الحدل (5)