صبح بحران فدخلها، وأصبح الأشتر فرأى ما صنعوا فتبعهم حتى نزل عليهم بحران فحصرهم، وأتى الخبر معاوية فبعث إليهم عبد الرحمن بن خالد في خيل يغيثهم، فلما بلغ ذلك الأشتر كتب كتائبه، وعبى جنوده وخيله، ثم ناداهم الأشتر: ألا إن الحي عزيز، ألا إن الذمار منيع، ألا تنزلون أيها الثعالب الرواغة؟ احتجرتم احتجار الضباب. فنادوا: يا عباد الله أقيموا قليلا، علمتم والله أن قد أتيتم. فمضى الأشتر حتى مر على أهل الرقة فتحرزوا منه، ثم مضى حتى مر على أهل قرقيسيا فتحرزوا منه، وبلغ عبد الرحمن بن خالد انصراف الأشتر فانصرف. فلما كان بعد ذلك عاتب أيمن بن خريم الأسدي معاوية، وذكر بلاء قومه بني أسد [في مرج (1)] مرينا. وفي ذلك يقول:
أبلغ أمير المؤمنين رسالة * من عاتبين مساعر أنجاد منيتهم، أن آثروك، مثوبة * فرشدت إذ لم توف بالميعاد أنسيت إذ في كل عام غارة * في كل ناحية كرجل جراد (2) غارات أشتر في الخيول يريدكم * بمعرة ومضرة وفساد وضع المسالح مرصدا لهلاككم * ما بين عانات إلى زيداد (3) وحوى رساتيق الجزيرة كلها * غصبا بكل طمرة وجواد لما رأى نيران قومي أوقدت * وأبو أنيس فاتر الإيقاد أمضى إلينا خيله ورجاله * وأغذ لا يجرى لأمر رشاد