وأحببت له القتل بهذه المنزلة التي تطلب. ورب مبتغ أمرا وطالبه يحول الله دونه. وربما أوتي المتمني أمنيته، وربما لم يؤتها. ووالله مالك في واحدة منها خير. والله لئن أخطأك ما ترجو إنك لشر العرب حالا، ولئن أصبت ما تتمناه لا تصيبه حتى تستحق صلى النار. فاتق الله يا معاوية، ودع ما أنت عليه، ولا تنازع الأمر أهله.
قال: فحمد الله معاوية وأثنى عليه ثم قال:
" أما بعد فإن أول (1) ما عرفت به سفهك وخفة حلمك - قطعك على هذا الحسيب الشريف سيد قومه منطقه، ثم عتبت بعد فيما لا علم لك به.
ولقد كذبت ولويت (2) أيها الأعرابي الجلف الجافي في كل ما وصفت وذكرت.
انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلا السيف ". قال: وغضب فخرج القوم وشبث يقول: أفعلينا تهول بالسيف، أما والله لنعجلنه إليك. فأتوا عليا عليه السلام فأخبروه بالذي كان من قوله - وذلك في شهر ربيع الآخر - قال:
وخرج قراء أهل العراق وقراء أهل الشام، فعسكروا ناحية صفين في ثلاثين ألفا، وعسكر على علي الماء، وعسكر معاوية فوق ذلك، ومشت القراء فيما بين معاوية وعلي، فيهم عبيدة السلماني (3)، وعلقمة بن قيس النخعي، وعبد الله بن عتبة، وعامر بن عبد القيس - وقد كان في بعض تلك السواحل - قال: فانصرفوا من عسكر على (4) فدخلوا على معاوية فقالوا: