هذه الراية عظمت على علي، وهو والله أخف على من زف النعام (1)، ومعاذ الله أن يغيرني ذلك لكم. قال: فعرض عليه علي بن أبي طالب أن يعيدها عليه فأبى وقال: يا أمير المؤمنين، إن يكن أولها شرفا فإنه ليس آخرها بعار.
فقال له على: أنا أشركك فيه. فقال له الأشعث: ذلك إليك. فولاه على ميمنته، وهي ميمنة أهل العراق.
وقال: وأخذ مالك بن حبيب رجلا وقد تخلف عن علي فضرب عنقه فبلغ ذلك قومه فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى مالك فنتسقطه (2) لعله أن يقر لنا بقتله، فإنه رجل أهوج. فجاءوا فقالوا: يا مالك، قتلت الرجل؟
قال: أخبركم أن الناقة ترأم ولدها. اخرجوا عني قبحكم الله. أخبرتكم أني قتلته.
قال: حدثني مصعب بن سلام (3)، قال أبو حيان التميمي، عن أبي عبيدة، عن هرثمة بن سليم قال: غزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين، فلما نزلنا بكربلا صلى بنا صلاة، فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال: واها لك أيتها التربة، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب. فلما رجع هرثمة من غزوته (4) إلى امرأته - وهي جرداء بنت سمير، وكانت شيعة لعلي - فقال لها زوجها هرثمة: ألا أعجبك من صديقك أبي الحسن؟ لما نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمها وقال: واها لك يا تربة، ليحشرن منك قوم