أدعوك إلى الهدى وأقاتل أهل الضلالة (1) وأفر من النار، وأنت بنعمة الله ضال تنطق بالكذب وتقاتل على ضلالة، وتشتري العقاب بالمغفرة، والضلالة بالهدى انظروا إلى وجوهنا ووجوهكم، وسيمانا وسيماكم، واسمعوا إلى دعوتنا ودعوتكم، فليس أحد منا إلا [و] هو أولى بمحمد صلى الله عليه وأقرب إليه قرابة منكم، قال له أبو الأعور: [لقد] أكثرت الكلام وذهب النهار. [ويحك] ادع أصحابك وأدعو أصحابي، فأنا جار لك حتى تأتي موقفك الذي أنت فيه الساعة، فإني لست أبدؤك بغدر ولا أجترئ على غدر حتى تأتي أنت وأصحابك، وحتى تقفوا. فإذا علمت كم هم جئت من أصحابي بعددهم. فإن شاء أصحابك فليقلوا وإن شاءوا فليكثروا.
فسار أبو الأعور في مائة فارس حتى إذا كان حيث كنا بالمرة الأولى (2) وقفوا وسار في عشرة بعمرو، وسار عمار في اثني عشر فارسا حتى اختلفت أعناق الخيل: خيل عمرو وخيل عمار، ورجع عوف بن بشر في خيله وفيها الأشعث بن قيس، ونزل عمار والذين معه فاحتبوا بحمائل سيوفهم، فتشهد عمرو بن العاص، فقال له عمار بن ياسر: اسكت (بعد هذا الكلام ليس عند ابن عقبة إلى موضع العلامة (3)) فقد تركتها في حياة محمد صلى الله عليه وبعد موته، ونحن أحق بها منك، فإن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك، وإن (4) شئت كانت خطبة فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك وتكفرك قبل القيام، وتشهد بها على نفسك،