أنهم غسان - فقال: " إن هؤلاء القوم لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم (1)، وضرب يفلق الهام، ويطيح العظام وتسقط منه المعاصم والأكف، حتى تصدع جباههم وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان. أين أهل الصبر وطلاب الخير؟ أين من يشري وجهه لله عز وجل؟ ". فثابت إليه عصابة من المسلمين فدعا ابنه محمدا فقال له: امش نحو هذه الراية مشيا رويدا على هينتك، حتى إذا أشرعت في صدورهم الرماح فأمسك يدك حتى يأتيك أمري ورأيي (2). ففعل، وأعد علي عليه السلام مثلهم مع الأشتر، فلما دنا منهم وأشرع الرماح في صدورهم، أمر على الذين أعدوا فشدوا عليهم، ونهض محمد في وجوههم، فزالوا عن مواقفهم، وأصابوا منهم رجالا، واقتتل الناس بعد المغرب قتالا شديدا، فما صلى كثير من الناس إلا إيماء.
وقال العديل بن نائل العجلي (3):
لست أنس مقام غسان بالت * ل ولو عشت، ما أظل شمام سادة قادة إذا اعصوصب القوم * ليوم القراع عند الكدام (4) ولهم أنديات ناد كرام * فهم الغر في ذرى الأعلام ناوشونا غداة سرنا إليهم * بالعوالي وبالسيوف الدوامي فتولوا ولم يصيبوا حميا * عند وقع السيوف يوم اللغامي (5)