الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اني قدمت مكة مع عمومة لي وناس من قومي، وكان من أنفسنا شراء عطر، فأرشدنا (1) إلى العباس بن عبد المطلب، فانتهينا إليه، وهو جالس إلى زمزم فبينا نحن عنده جلوسا، إذ أقبل رجل من باب الصفا، وعليه ثوبان أبيضان، وله وفرة إلى انصاف أذنيه، جعدة، أشم أقنى أدعج العينين، كث اللحية، براق الثنايا، ابيض تعلوه حمرة كأنه القمر ليلة البدر، وعلى يمينه غلام مراهق أو محتلم، حسن الوجه تقفوهما امرأة، قد سترت محاسنها، حتى قصدوا نحو الحجر، فاستلمه واستلمه الغلام، ثم استلمته المرأة، ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه، ثم استقبل الحجر، فقام ورفع يديه وكبر، وقام الغلام إلى جانبه، وقامت المرأة خلفهما، فرفعت يديها، وكبرت فأطال القنوت، ثم ركع وركع الغلام والمرأة، ثم رفع رأسه فأطال ورفع الغلام والمرأة معه يصنعان مثل ما يصنع، فلما رأينا شيئا ننكره، لا نعرفه بمكة، أقبلنا على العباس، فقلنا: يا أبا الفضل ان هذا الدين ما كنا نعرفه فيكم، قال: أجل والله، قلنا: فمن هذا؟ قال: هذا ابن أخي، هذا محمد بن عبد الله، هذا الغلام ابن أخي أيضا، هذا علي بن أبي طالب وهذه المرأة زوجة محمد، هذه خديجة بنت خويلد، والله ما على وجه الأرض أحد يدين بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة.
ومن حديث موسى بن داود، عن خالد بن نافع، عن عفيف بن قيس الكندي، وقد رواه عن عفيف أيضا، مالك بن إسماعيل النهدي والحسن بن عنبسة الوراق وإبراهيم بن محمد بن ميمونة، قالوا جميعا: حدثنا سعيد بن جشم، عن أسد بن عبد الله البجلي، عن يحيى بن عفيف بن قيس، عن أبيه، قال: كنت في الجاهلية عطارا، فقدمت مكة، فنزلت على العباس بن عبد المطلب، فبينا أنا جالس عنده، أنظر إلى الكعبة، وقد تحلقت الشمس في السماء أقبل شاب كأن في وجهه القمر،