فيقال له: لو كانت الروايات باطلة متفقة على هذه التأريخات، لكان لهذا القول مساغ، لكن الناس قد اختلفوا في ذلك، فقيل: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام بمكة بعد الرسالة خمس عشرة سنة، رواه ابن عباس، وقيل ثلاث عشرة سنة، وروي عن ابن عباس أيضا، وأكثر الناس يرونه.، وقيل عشر سنين رواه عروة بن الزبير، وهو قول الحسن البصري وسعيد بن المسيب، واختلفوا في سن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال قوم: كان ابن خمس وستين وقيل: كان ابن ثلاث وستين وقيل: كان ابن ستين. واختلفوا في سن علي (عليه السلام)، فقيل: كان ابن سبع وستين، وقيل: كان ابن خمس وستين وقيل ابن ثلاث وستين، وقيل: كان ابن ستين، وقيل ابن تسع وخمسين.
فكيف يمكن مع هذه الاختلافات تحقيق هذه الحال! وانما الواجب ان يرجع إلى اطلاق قولهم: أسلم علي، فان هذا الاسم لا يكون مطلقا إلا على البالغ، كما لا يطلق اسم الكافر إلا على البالغ، على أن ابن احدى عشرة سنة يكون بالغا ويولد له الأولاد، فقد روت الرواة ان عمرو بن العاص لم يكن أسن من ابنه عبد الله إلا باثنتي عشرة سنة، وهذا يوجب انه احتلم وبلغ في أقل من احدى عشرة سنة.
وروي أيضا ان محمد [بن علي] (1) بن عبد الله بن العباس، كان أصغر من أبيه علي بن عبد الله بن العباس باحدى عشرة سنة، فيلزم الجاحظ ان يكون عبد الله بن العباس حين مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير مسلم على الحقيقة، ولا مثاب ولا مطيع بالاسلام، لأنه كان يومئذ ابن عشر سنين. رواه هشيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وانا ابن عشر سنين.