يمت، وأنه كموسى حينما ذهب إلى ربه وسيعود؟ فما حداه ان يأتي دار رسول الله وبلغت نظر أبي بكر وحده (1)؟ دون أي واحد آخر بان الأنصار اجتمعوا لانتخاب أمير منهم، وفي الطريق يستصحبون معهم أبا عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة. أكان ذلك أمرا مدبرا؟ لقد ظهر من النتائج التي أعقبت ذلك في زمن أبي بكر وعمر ان الامر كان مدبرا بين الأربعة تدبيرا أكيدا وبعيدا يوم قال عمر وهو يريد أن يحوك أمر الشورى حيث قال: لو كان أحد الاثنين حاضرا لما أودعها للشورى يريد بذلك ابا عبيدة أو سالما مولى أبي حذيفة ذينك اللذين اتفقا على اغتصاب الخلافة ودبرا المكيدة وجاءا بالفتنة الكبرى لقلبها ملوكية. وهكذا ترى المكيدة والتدبير ومن قبلها المناصب العالية لأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة.
كما ظهر من التدابير المشتركة من أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة ومن عاضدهم ان عائشة ألقت ليلتها الفتنة بين الأوس والخزرج بقولها للأوس إن:
الخزرج يحوكون ويدبرون الامر لانتخاب خليفة منهم، وقالت للخزرج مثلها فجعلتهم يتنافسون ويبادرون في الصباح رغم مرض زعيم الخزرج إلى سقيفة بني ساعدة لانتخاب أمير، وفي نفس الليلة تحرض بني هاشم لتجهيز وتغسيل وتكفين ودفن رسول الله وهي تدري ان الصحابة الموالين لآل بيت رسول الله سوف لا يفارقونهم. وهكذا دبروا الامر بليل فشغلوا الهاشميين والصحابة الخصوصيين المعارضين لهم برسول الله، وأوقعوا النزاع بين الأوس والخزرج وجاؤوا على تدبير ومكيدة في وقت بلغ الحسد والحقد أعلاه بين الأنصار، وأماط أبو بكر اللثام عن أول فتنة في الاسلام مشيدا بالمهاجرين، واتهم الأمراء والأنصار وهم الوزراء، ومد يده ليبايع أبا عبيدة أو عمر فبادر الاثنان لبيعته وأعقبها قلة من الأوس حقدا على الخزرج وتلاها بقية الأوس، وخشية أن يحصل الأوس على