ومن أين أتى أبو بكر وهو جندي محارب تحت إمرة شاب لم يبلغ العشرين من سنه هو أسامة بن زيد المرسل على رأس جيش المسلمين للحرب؟ ونتسأل أكثر لنوضح الامر، ألم يجهز رسول الله جيش أسامة بنفسه وحثه على السير حثيثا قبل وصول خبره للأعداء؟ فلماذا تأخر الجيش حتى اضطر رسول الله إلى أن يلعن من تخلف عن جيش أسامة قائلا: " اللهم العن من تخلف عن جيش أسامة "؟ ومن كان يضم الجيش من المهاجرين والأنصار؟ الم يضم أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح والنخبة الباقية من المهاجرين والأنصار؟ ولا بد لنا من الجواب المثبت. ان المتخلفين كيف تحملوا هذا اللعن وكيف تخلفوا رغم امر رسول الله في الاسراع للحملة؟ ما كانت غايتهم من هذا التأخير؟ أحقا انما تأخروا له هو تشوشهم على مرض رسول الله أم بسبب ان أميرهم شاب وهم يأنفون من هذه القيادة؟ وهل يسوغ لهم الاعتراض على رسول الله وقد جاء وخطبهم وأبان لهم انه لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى؟ وهو بعد في حال الصحة ورغم ذلك تخلفوا وخلقوا الأعاذير حتى لعن رسول الله المتخلفين. ومما لا شك فيه أن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح كانوا تحت إمرة أسامة وقد شملهم اللعن لتخلفهم، فكيف يسوغ لمن لعنه رسول الله بل الله ان يتقلد زمام أمور المسلمين؟ وأعظم من ذاك ما اعترض عليه أسامة نفسه يوم سمع ان أبا بكر نصبه عمر وأبو عبيدة خليفة، جاء واعترض قائلا: إنكم تحت إمرتي بأمر رسول الله فكيف نصبتم من هو تحت إمرتي بأمر رسول الله أميرا علي؟ ولنترك ذلك ونعود لنرى كيف انتخب أبو بكر وقد كان خارج المدينة وقد دخل المدينة وذهب مع بني هاشم والصحابة المشغولين بتغسيل رسول الله وتجهيزه مع علي فأين هو والحضور في السقيفة، وإذا أجبنا على هذا ان عمر الذي كان يعلم بموت رسول الله ويعلم بغياب أبي بكر لماذا كان يتحدى كل من يقول: مات رسول الله، ويهدده بالقتل بأن رسول الله لم
(٣٠٥)