حجيرة من العضو وكل عضو مكانه وأهميته وتخصصه لما يقوم به من الأعمال بالنسبة له ولعضوه من جهة أخرى والرابطة المشتركة بينه وبين بقية الأعضاء الأخرى ودرجة مساعدة الواحدة للأخرى، وأي اختلال بسيط كيف تهتم به المراكز الحساسة بدرجة فائقة بحيث تحدث تغييرا عاما يعم الجسم لتلافي النقص مكبدة كلا منها على قدرها من هذه المعونة من جهة والعناء والمشورة من جهة أخرى.
هذا وليس ما تراه في الحجيرات في البدن الانساني إلا وتجد له التطبيق في المجتمع البشري.
فأفراد المجتمع البشري ينقسمون من حيث الأهمية إلى مجموعات كبيرة وصغيرة، عالمة وجاهلة، وفيها مختلف الطبقات والزمر والتخصص لكل منها مقام ودرجة في المجتمع الانساني، ولكل مكانه كما وجدنا ذلك في الحجيرات. وكما ان حجيرات أنسجة الدماغ لا يمكن تعويضها بحجيرات أنسجة عضلات الكبد، وهذه مع أنسجة المثانة وتلك بأنسجة الجهاز العصبي كذلك لا يمكن ذلك في المجتمع البشري. فان تعويض قسم من عضو على اثر صدمة لا بد ان يسد هذه الخلة بأنسجة مشابهة، وبغير ذلك يرفضه العضو. وربما علا عليه بالفساد، وربما كان الأصلح بقاؤه وفيه بعض النقص وكان خيرا له من أن نعوضه بما يعود عليه وعلى بقية العضو بالفساد، فما للرأس يسد به الرأس، وما للأطراف يسد ويجبر به الأطراف، وإذا حصل غير ذلك فمعناه ارتباك خاص وعام وربما تدهور وخراب قد لا يمكن بعد ترميمه. وهذه عينها في المجتمع البشري فإنه يكفي وضع فرد في غير محله لايجاد علة تختلف في درجة هذا الاختلاف من بسيط إلى عظيم قد يكون فاحشا على المجتمع ويدمره. ولقد دلت التجارب الطبية والعمليات الجراحية على صدق هذا القول، كما دلت الأوضاع الاجتماعية والعلمية على قيمة