يسردون فيه غايات سامية وأمورا اصلاحية، وموارد تبعث الرغبة لاعتناق فكرتهم والانخراط في مذهبهم أو حزبهم، وإذا بهم عند بلوغ الهدف رجال سياسة يستسيغون كل منكر، ويستحلون كل قبيح، ويكرهون ويتجنبون كل فضيلة تناقض غاياتهم. ومع هذا فلا تجدهم يذعنون للواقع بل دائما وابدا يحاولون القاء جلباب الحق على مجسمة الباطل وتشويه الحقائق وتزييفها، بما تستسيغه رغباتهم وغاياتهم، وبقدر ما يبلغون من مدارج القوة يزيد ظلمهم وقساوتهم وبقدرها تزيد دعايتهم لتمويه الحقائق وتغشية اعمالهم بالصفات الفاضلة والعادلة والمعقولة. واليوم كم تجد في رجال السلطة من يتملك كل وسائل الدعاية من مال وثروة لنشر كل ما يروق له في الصحف والمجلات الأجنبية بقوة المال، إضافة إلى امتلاك كافة وسائل الدعاية الداخلية من صحف وراديو وتلفزيون وغيرها وشراء ضمائر الافراد ونصبهم في المجالس العامة باسم نواب الشعب وأعيانه، وبث الجاسوسية لمن تحرضه نفسه للنقد والقاء القبض عليه لزجه في أعماق السجون أو قتله أو تعذيبه، هذا اليوم نجدها في كثير من الدول في الشرق الأدنى والأوسط وكثير من البلاد الأخرى، وهل لك ان تخاطب الغاصب غاصبا، والظالم ظالما، والسارق سارقا، والدنئ والرذيل دنيئا ورذيلا، وبيده القدرة والسلطة والمال وتسنده القوى المماثلة ذوات المطامع الكبيرة، كلا والف كلا، فما هو العلاج إذا؟
فمن هو المنافق؟ بلى هو المتظاهر بخلاف ما يبطن وهو بعرف الاسلام:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة * ويروغ عنك كما يروغ الثعلب اما ان يكون فاسقا مرائيا أو كافرا مرائيا، فالنفاق يولد أشد أنواع الكفر والفسق (1) بعرف الشرع، وطالما حذر القرآن المسلمين من المنافقين وأعمالهم، ويظهر ذلك في أعمالهم وأقوالهم وهم أشد خطرا على الاسلام والمسلمين ومن