ويخالف رأي الصفوة المخلصة من البشر. وكيف يرضى العاقل الحكيم أن يستبد الجاهل المستهتر، القاسي العاتي، الذي لا يحسب للفضيلة حسابا، ولا يقيم لها وزنا، إلا ما يسد به جشعه ويرضي نفسه وغرائزه، وما السياسة هذه إلا مفسدة للبشر ومنبع للفساد والظلم، ومصدر للجهل الاجتماعي، ومبعث للغواية والفسوق والفجور، والقسوة والمظالم أينما حلت، أفسدت، وجرت معها الحرمان. لا ننسى كلمة الإمام علي (عليه السلام) حين طعنوا في رأيه ودولته فقال: " لولا التقى لكنت أدهى العرب ".
ومنه يظهر انهم كانوا ينددون بسياسته وهو رجل الحق والعدالة والدين، أول الناس ايمانا وأولهم اسلاما ووصي رسول الله خاتم النبيين الذي عين ولايته بأمر من الله، فكان منه بمنزلة هارون من موسى.
وهناك من الساسة من يغتصب حقا ومنصبا ليس له بحكم الدين بحكم النص المنزل، النص الإلهي أو النبوي، ويجلس مجلسا لا يحق له جلوسه. مجلسا لأعلم أهل زمانه وأعدلهم وأتقاهم، وأشجعهم وأبلاهم بلاء حسنا. وأبعدهم وأدقهم بصرا وبصيرة. وأرعاهم للرعية، وأصدقهم لله ولرسوله، مجلسا ومقاما، دعاه الله ورسوله إليه، فإذا عصبة تحتال على الجماعة، بالمكر والخداع، والغش والتزوير لتنصب عونا من أعوانها ويتظاهر بالصلاح والفضيلة، وهو حريص على الدنيا حرص الأول على العقبى ولا يألو من الوصول إلى الهدف باسم العدالة والدين ان يسلط أعوانه على المصلحين ذوي الحق وأتباعهم باسم الردة والخارجين عن الدين والمفسدين، لتسلب حقوقهم وتصم سمعتهم وتسحق من قد ينبس ببنت شفة من أتباعهم كل ذلك بالتمويه على العامة والاغواء والاغراء للآخرين، وسد أفواه العارفين الصادقين بالقهر والغلبة والتخويف، والارهاب، والسحق والمحق عند اللزوم، وبعدها اقصاء آخر فرد من المعترضين عن أي منصب. وتضعيفهم لأقصى حد ممكن، في حين يتركون أعوانهم من ذوي الأهواء