اقتدينا، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلمنا إليه ولكن رأينا أباك فعل ذلك به قبلنا فاحتذينا مثاله واقتدينا بفعاله.
انظر إلى هذه الصراحة وإلى هذه اللجاجة في الكفر والعناد ومخالفة أوامر الله ورسوله، واعتراف بالواقع، وكيف هدموا من أول يوم مات رسول الله كيان الاسلام وزحزحوا به إلى ما تخشى عقباه إلى ما نحن فيه في هذا العصر وقبله نحن المسلمين من التفرقة والعناد ولو أنهم كما قال عمر بن الخطاب مرارا: أما لو وليها الأصلع - يعني عليا - لأقامكم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم. فاسأله بالله عليك أنت وشريكك قبلك تعلمان ذلك وغرتكما الدنيا ومطامعها واغتصبتماها منه وأنتما تعلمان انه الوصي حقا وأنه أليق منكما وأحق واعلم واتقى لإدارة ذلك، فلماذا بعد أن قضيتما وطركما قدمتماها سائغة لآل أمية مع ما يضمرون من عدائهم لآل محمد.
وهنا اسمع الخطبة الشقشقية لعلي بن أبي طالب وكم تحمل من القوم من مصائب وهو يرى بأم عينيه ماذا يلعبان ويتخبطان بالأمة الاسلامية حيث قال " لقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير ".
نعم والحقيقة تلك التي اعترف بها معاوية أن أبا بكر كان يعلم انه يجلس دون حق على مسند الخلافة، وأن لعلي بما أمر الله به وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبما أوتي من علم وحكمة وسابقة وما ابلى من بلاء في الاسلام هو أحق بها، ولكن وا أسفاه على الاسلام، وا أسفا على البؤساء الذين ذهبوا منذ اليوم الأول ضحية ذلك الغصب والعناد. وهاك نبذة عن جهاد أبي بكر لنقيسه بجهاد علي الذي له الكأس المعلى في كل واقعة، بل يمكن القول إنه في جميع الوقائع لولا علي لخذل الاسلام. فاسمع ما يقوله ابن عبد ربه ويرويه عن محاججة المأمون.