قال ابن عمر (1): وحدثني عبد الله بن الحارث عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت رضي الله تبارك وتعالى عنه يوم الجمل وهو لا يسل سيفا [وشهد صفين] (2) فقال: أن لا أضل أبدا بقتل عمار، قال خزيمة: قد حانت له الضلالة ثم اقترب فقاتل حتى قتل.
وكان الذي قتل عمار أبو غادية المزني، طعنه برمح فسقط، وكان يومئذ يقاتل وهو ابن أربع تسعين سنة، فلما وقع أكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان، كلاهما يقول: أنا قتلته، فقال عمرو بن العاص رضي الله تبارك وتعالى عنه: والله إن تختصمان إلا في النار، فسمعها منه معاوية رضي الله تبارك وتعالى عنه، فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو:
وما رأيت مثل ما صنعت يوم بذلوا أنفسهم دوننا، نقول لهم: إنكم تختصمان في النار، فقال له عمرو: والله ذاك، والله إنك لتعلمنه، ولوددت أني مت من قبل هذا بعشرين سنة. يقال: إن الذي قتله ابن الحارث وشريك بن سمي اشتركا فيه.
وخرج الحاكم (3) وأحمد (4) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أخبره قال: لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية: أنحن قتلناه؟ إنما قتله علي وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال:
سيوفنا.
قال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة.