وأما كفاية المصطفى صلى الله عليه وسلم كيد سراقة بقوله صلى الله عليه وسلم اللهم أصرعه فخرج البخاري (1) من حديث الليثي عن عقيل، قال: قال ابن شهاب:
فأخبرني عروة ابن الزبير، أن عائشة رضي الله وتبارك وتعالى عنها قالت:
لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان بالدين، فذكر الحديث إلى أن قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن أخي سراقة بن مالك ابن جعشم، أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن مالك بن جعشم يقول: جاءتنا رسل كفار قريش، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكردية كل واحد منهما من قتله أو أسره، فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة إني رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم. فقلت له:
إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقا بأعيننا يبغون ضالة لهم.
ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي، أن تخرج بفرسي من وراء أكمة فتحبسها على. وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزجه الأرض، وخفضت عالية، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها، أضرهم أم لا.
فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي حتى بلغتا الراكبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت، فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذ لأثر يدها غثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي - حين لقيت ما القيت من الحبس عنهم - أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: