وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بتغلب الترك على أهل الإسلام فكان كما أخبر فخرج الإمام أحمد (1) من حديث بشير بن المهاجر قال: حدثني عبد الله ابن بريدة، عن أبيه قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
إن أمتي يسوقها قوم عراض الأوجه، صغار الأعين كأن وجوههم مثل الحجف ثلاث مرات حتى يلحقوهم بجزيرة العرب أما السابقة الأولى: فينجو من هرب منهم، وأما الثانية: فينجو بعض ويهلك بعض، وأما الثالثة: فيصطلون كلهم من بقي منهم، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم الترك، قال أما والذي نفسي بيده ليربطن خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين قال: وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية بعد ذلك للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء من أمراء الترك.
وخرجه الحاكم بنحو أو قريب منه وقال هذا حديث صحيح الإسناد.
قال المؤلف عفا الله عنه: وله شواهد تقدمت، وقد أوضح صحة هذا الحديث ما كان من خروج جنكيزخان وأولاده واستيلائهم من سنة بضع عشرة وستمائة على ممالك الشرق وعراقي العرب والعجم إلى حدود جزيرة العرب واصطلامهم أهل الإسلام من تلك الممالك.
وذكر الحاكم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين أن ابن مسعود قال: كأني بالروم قد أتتكم على براذين محدمة الأذان حتى تربطها بشط الفرات. ومن طريق قتادة، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن عبد الله بن عمرو قال: يوشك (2) بنو قنطوراء بن كركر أن يخرجوا أهل العراق من أرضهم. قلت: ثم يعودون؟
قال: إنك لتشتهي ذلك! قال: ويكون لهم سلوة من عيش.