ومن حديث الحرث (١) بن أبي أسامة حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زايد، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن يزيد بن وهب، عن أبي ذر - رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أكلتنا الضبع - يعني السنة - فقال: أنا لغير الضبع أخوف عليكم، أن تصب الدنيا على أمتي صبا، فليت أمتي لا يلبسون الذهب.
ومن حديث هشام عن عبيدة، عن ربيع، عن حذيفة رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أكلتنا الضبع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدنيا ستفتح عليكم فيا ليت أمتي لا تلبس الذهب.
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بوقوع بأس أمته بينهم وأن السيف لا يرتفع عنها بعد وضعه فيها فيهلك بعضها بعضا فقد قال الله تعالى: ﴿هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون﴾ (2) عذابا من فوقكم كالصواعق، وكما أمطر على قوم لوط وأصحاب الفيل الحجارة. وأدخل على قوم نوح الطوفان، ومن تحت أرجلكم كالزلازل، ونبع الماء المهلك، وكما خسف بقارون.
وقال السدي عن أبي مالك وسعيد بن جبير: من فوقكم أو من تحت أرجلكم، الرجم والخسف، وقال ابن عباس: (من فوقكم)، ولاة الجور، (ومن تحت أرجلكم)، سفلة السوء وخدمته. (أو يلبسكم شيعا) أي يخلطكم فرقا مختلفين على أهواء شتى، كل فرقة من مشايعة لأخرى، ومعنى انسياب خلطهم: انتساب القتال بينهم، فيختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال.