أما ظهور البركة بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في سبعة عشر دينارا أظفر بها المقداد بن عمرو (1) حتى امتلأت منها غرائر ورقاء
(1) هو المقداد بن الأسود الكندي، هو ابن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن عامر بن مطرود البهراني، وقيل: الحضرمي. قال ابن الكلبي: كان عمرو بن ثعلبة أصاب دما في قومه، فلحق بحضرموت، فخالف كندة، فكان يقال له الكندي، وتزوج هناك امرأة فولدت له المقداد، فلما كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي، فضرب رجله بالسيف وهرب إلى مكة، فخالف الأسود بن عبد يغوث الزهري، وكتب إلى أبيه، فقدم عليه فتبنى الأسود المقداد فصار يقال: المقداد بن الأسود وغلبت عليه، واشتهر بذلك: فلما نزلت: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) [الأحزاب: 5] قيل له: أبا الأسود، وقيل: كنيته أبو عمر، وقيل: أبو سعيد. أسلم قديما، وتزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد بعدها، وكان فارسا يوم بدر، حتى إنه لم يثبت أنه كان فيها على فرس غيره. وقال زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود: أول من أظهر إسلامه سبعة، فذكره منهم. وقال مخارق بن طارق، عن ابن مسعود: شهدت مع المقداد مشهدا لإن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به.
وذكر البغوي، من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر: أول من قاتل على فرس في سبيل اللهالمقداد بن الأسود. ومن طريق موسى بن يعقوب الزمعي عن عمتهما قريبة، عن عمتها كريمة بنت المقداد، عن أبيها: شهدت بدرا على فرس لي يقال لها سبحة. ومن طريق يعقوب بن سليمان عن ثابت البناني، قال: كان المقداد وعبد الرحمن بن عوف جالسين، فقال له مالك: ألا تتزوج؟ قال: زوجني ابنتك، فغضب عبد الرحمن وأغلظ له، فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: أنا أزوجك. وعن المدائني، قال: كان المقداد طويلا، آدم، كثير الشعر، أعين [واسع العينين]، مقرونا [مقرون الحاجبين]، يصفر لحيته.
وأخرجه يعقوب بن سفيان، وابن شاهين من طريقه بسنده إلى كريمة زوج المقداد: كان عظيم البطن، وكان له غلام رومي، فقال له: أشق بطنك فأخرج من شحمه حتى تلطف، فشق بطنه ثم خاطه، فمات المقداد، وهرب الغلام. وقال أبو ربيعة الأيادي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم:
علي، والمقداد، وأبو ذر، وسلمان، أخرجه الترمذي وابن ماجة، وسنده حسن. وروى المقداد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه علي، وأنس، وعبيد الله بن الخيار، وهمام بن الحارث، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وآخرون. اتفقوا أنه مات سنة ثلاثا وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه، قيل: وهو ابن سبعين سنة رضي الله تبارك وتعالى عنه. (الإصابة):
6 / 202 - 204، ترجمة رقم (8189)، (الإستيعاب): 3 / 1480 - 1482، ترجمة رقم (2561).