بأسيافهم حتى طعنه أحدهم في بطنه طعنة بالسيف، خرج مصرانه، وخلصوا إليه، فضربوه بأسيافهم، وكانوا في بعض ما يتخلصون إليه وسلكان معانقه، أصابوا عابد بن بشر في يده أو في رجله ولا يشعرون، وخرجوا يشتدون سراعا حتى إذا كانوا بجرف بعاث (١) فقدوا صاحبهم، ونزفه الدم، فرجعوا فوجدوه من وراء الجرف، فاحتملوه حتى أتوا به أهلهم من ليلتهم، فقتل الله ابن الأشرف، بعد أذيته الله ورسوله، وهجائه إياه، وتأليبه قريشا، وإعلانه عليه قريشا بذلك.
وخرج البيهقي (٢) من طريق سفيان قال: حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما قال: قدم حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا لهم أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب، فأخبرنا عنا وعن محمد، قالوا: ما أنتم وما محمد؟ قالوا نحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونفك العناة ونسقي الحجيج، ونصل الأرحام، قالوا: فما محمد؟ قالوا: صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار، قالوا: لا، بل أنتم خير منهم وأهدى سبيلا فأنزل الله تعالى: ﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت﴾ (3) إلى آخر الآية، قال سفيان: وكان غفار أهل سلة [في الجاهلية (4)] يعني سراقة.