عمرو خطيبا، فقال: والله أعلم أن هذا الذين سيمتد امتداد الشمس في طلوعها إلى غروبها، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم، يعني أبا سفيان، فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم، ولكنه قد ختم على صدره حسد بني هاشم، وأتى في خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه بالمدينة، فكان ذلك معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لعمر رضي الله تبارك وتعالى عنه أعلم.
وقال أسد بن موسى عن سعيد بن عبد الله الجمحي، عن عبد الله بن عمير الليثي، عن أبيه قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى مكة وعاملها عتاب بن أسيد، فلما بلغهم موت النبي صلى الله عليه وسلم ضج أهل المسجد، فبلغ عتاب، فخرج حتى دخل شعبا من شعاب مكة، وسمع أهل مكة الضجيج، فوافى رجالهم إلى المسجد، فقال سهيل بن عمرو: أين عتاب؟ وجعل يستدل عليه، حتى أتى عليه الشعب، فقال: مالك؟ قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال: قم في الناس فتكلم، قال: لا أطيق الكلام مع موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فاخرج معي فأنا أكفيكه، فخرجا، حتى أتيا المسجد، فقام سهيل خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، وخطب مثل خطبة أبي بكر، لم يجزم منها شيئا وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب وسهيل في الأسرى يوم بدر: ما يدعوك إلى نزع ثناياه؟ دعه فعسى أن يقيمه الله مقاما يسرك، فكان ذلك المقام الذي قال، وضبط عتاب عمله وما حوله.
وخرج البيهقي (1) من طريق سفيان، عن عمر، عن الحسن قال: قال عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله دعني أنزع ثنية سهيل ابن عمرو، لا يقوم خطيبا في قومه أبدا، فقال: دعها فلعلها أن تسرك يوما، قال سفيان: فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم نفر منه أهل مكة فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة فقال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، والله حي لا يموت.