ابن الأشرف: أنتم أهدي منه سبيلا، ثم خرج مقبلا وقد أجمع رأي المشركين على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لنا بابن الأشرف؟ قد استعلن بعد عداوتنا وهجائنا خرج إلى قريش فجمعهم علينا قد أخبرني الله عز وجل بذلك ثم قدم على أخبث ما كان ينتظر قريشا أن تقدم فيقاتلنا معهم، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ما أنزل الله فيه (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) وآيات في قريش معها، وذكر لنا - والله أعلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اكفني ابن الأشرف بما شئت فقال له محمد بن مسلمة أنا يا رسول الله أقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم فقام محمد بن مسلمة منقلبا إلى أهله فلقي سلكان بن سلامة في المقبرة عامدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له محمد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرني بقتل ابن الأشرف وأنت نديمه في الجاهلية، ولن يأمنن غيرك، فقال له سلكان: إن أمرني فعلت، فرجع معه ابن مسلمة إلى رسول الله فقال:
يا رسول الله أمرت بقتل كعب بن الأشرف؟ قال: نعم قال سلكان: يا رسول الله فاحللني فيما قلت لابن الأشرف فقال: أنت في حل مما قلت، فخرج سلكان ومحمد بن مسلمة، وعباد بن بشر، وسلمة بن ثابت، وأبو عبس بن جبر، حتى أتوه في ليلة مقمرة فتواروا في ظلال جذوع النخل، وخرج سلكان فصرخ:
يا كعب، فقال له كعب: من هذا؟ فقال له سلكان: هذا أبو ليلى يا أبا نائلة وكان كعب يكني أبا نائلة، فقالت له امرأته: لا تنزل يا أبا نائلة إنه قاتلك، فقال ما كان أخي ليأتيني إلا بخير لو يدعى الفتى لطعنة أجاب، فخرج كعب، فلما فتح باب الرض قال من أنت؟ قال: أخوك، قال: فطأطئ لي رأسك، فطأطأ فعرفه، فنزل إليه فمشى به سلكان نحو القوم، وقال له سلكان: جعنا وأصابتنا شدة مع صاحبنا هذا، فجئتك لأن تحدث معك، ولأرهنك درعي في شعير، فقال له كعب قد حدثتكم أنكم ستلقون ذلك، ولكن نحن عندنا تمر وشعير وعبير، فأتونا، فقال: لعلنا أن نفعل، ثم أدخل سلكان يده في رأس كعب فشمها فقال:
ما أطيب عبيركم هذا! صنع ذلك مرة أو مرتين حتى أمنه، ثم أخذ سلكان برأسه أخذة فصأه منها، فجأر والله جأرة رفيعة وصاحت امرأته، وقال يا صباحاه، فعانقه سلكان وقال: اقتلوا عدو الله، فلم يزالوا يتخلصون