ابن عبد الله، عن عمر بن الحكم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة ودخل الحرم، جاءت رؤساء يهود الذين بقوا بالمدينة، ممن يظهر الإسلام، وهو منافق، إلى لبيد بن الأعصم اليهودي، وكان حليفا في بني زريق، وكان ساحرا، قد علمت ذلك يهود، أنه أعلمهم بالسحر وبالسموم، فقالوا له: يا أبا الأعصم، أنت أسحر منا، وقد سحرنا محمدا فسحره منا الرجال والنساء، فلم نصنع شيئا، وأنت ترى أثره فينا، وخلافه ديننا، ومن قتل منا وأجلى، ونحن نجعل لك [على ذلك] جعلا على أن تسحره لنا سحرا ينكوه، فجعلوا له ثلاثة دنانير، على أن يسحر رسول الله صلى الله عليه وسلم] (1).
[فعمد إلى مشط، وما يمشط [من الرأس] من الشعر، فعقد فيه عقدا، أو تفل فيه تفلا، وجعله في جب طلعة ذكر، ثم انتهى به حتى جعله تحت أرعوفة البئر، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا أنكره، حتى يخيل إليه أنه يفعل الشئ ولا يفعله، وأنكر بصره حتى دله الله عليه، فدعا جبير بن إياس الزرقي، وقد شهد بدرا، فدله على موضع في بئر ذروان، تحت أرعوفة البئر، فخرج جبير حتى استخرجه ثم أرسل إلى لبيد بن الأعصم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقد دلني الله على سحرك، وأخبرني ما صنعت، قال: حب الدنانير يا أبا القاسم] (1).
[قال إسحاق بن عبد الله: فأخبرت عبد الرحمن بن كعب بن مالك بهذا الحديث فقال: إنما سحره بنات أعصم - أخوات لبيد - وكن أسحر من لبيد وأخبث، وكان لبيد هو الذي ذهب به، فأدخله تحت أرعوفة البئر، فلما عقدوا تلك العقد، أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الساعة بصره، ودس بنات