إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ٥٤
يأمرني أن أفعل ذلك به (1).
وذكره في باب المرأة ترقى الرجل، من حديث معمر عن الزهري. ولفظه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه بهن، فأمسح بيده لبركتها (2). وذكره في باب: الرقي بالقرآن، عن معمر نحوه (3).
وخرج الحاكم، من حديث سفيان، عن عاصم، عن زياد بن ثويب، عن أبي هريرة [رضي الله عنه] قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني فقال: ألا أرقيك برقية رقاني بها جبريل؟ فقلت: بلى، بأبي وأمي، قال: بسم الله أرقيك، والله يشفيك، من كل داء فيك، من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، فرقى بها ثلاث مرات (4).

(١) (فتح الباري): ١٠ / ٢٥٧، كتاب الطب، باب (٣٩) النفث في الرقية، حديث رقم (٥٧٤٨)، قال يونس: كنت أرى ابن شهاب يصنع ذلك إذا أتى فراشه.
(٢) (المرجع السابق): حديث رقم (٥٧٥١)، وفي آخره: فسألت ابن شهاب: كيف كان ينفث؟ قال:
ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه.
(٣) (المرجع السابق): حديث رقم (٥٧٤٣).
وأخرجه أبو داود في (السنن): ٤ / ٢٢٤، كتاب الطب، باب (١٩) كيف الرقي، حديث رقم (٣٩٠٢).
وأخرجه ابن ماجة في (السنن): ٢ / ١١٦٦، كتاب الطب، باب (٣٨) النفث في الرقية، حديث رقم (٣٥٢٩).
قال في (النهاية): النفث بالفم، وهو شبيه النفخ، وهو أقل من التفل، لأن التفل لا يكون إلا ومعه شئ من الريق.
(4) (المستدرك): 3 / 590، كتاب التفسير، تفسير سورة الفلق، حديث رقم (3990)، وسكت عنه الذهبي في (التلخيص)، وعزاه السيوطي في (الجامع الصغير) لابن ماجة، والحاكم عن أبي هريرة وصححه، ولم يعلق عليه المناوي.
وأخرجه ابن ماجة في (السنن): 2 / 3564، قال في (الزوائد): في إسناده عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر العمري، وهو ضعيف.
قال العلامة ابن القيم: وفي تأثير الرقي بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السموم سر بديع، فإن ذوات أثرت بكيفيات نفوسها الخبيثة... وسلاحها حماتها اللتي تلدغ بها، وهي لا تلدغ حتى تغضب، فإذا غضبت، ثار فيها السم، فتقذفه بآلتها، وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء، ولكل شئ ضدا، ونفس الراقي تفعل في نفس المرقى، فيقع في نفسيهما فعل وانفعال، كما يقع بين الداء والدواء، فتقوي نفس الراقي وقوته بالرقية على ذلك الداء، فيدفعه بإذن الله.
ومدار تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال، وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعيين، يقع بين الداء والدواء الروحانيين، والروحاني، والطبيعي، وفي النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء، والنفس المباشر للرقية، والذكر والدعاء، فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شئ من أجزاء باطنه من الريق، والهواء والنفس، كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا، ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة، شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.
وبالجملة: فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه وتستعين بالرقية وبالنفث علي زالة ذلك الأثر، وكلما كانت كيفية نفس الراقي أقوى، كانت الرقية أتم، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها.
وفي النفث سر آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة، ولهذا يفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان، قال تعالى: (ومن شر النفاثات في العقد)، وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة، وترسل أنفاسها سهاما لها، وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شئ من الريق، مصاحب لكيفية مؤثرة.
والسواحر تستعين بالنفث استعانه بينة، وإن لم تتصل بجسم المسحور، بل تنفث على العقدة وتعقدها، وتتكلم بالسحر، فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة، فتقابلها الروح الزكية الطيبة، بكيفية الدفع والتكلم بالرقية، وتستعين بالنفث، فأيهما قوى كان الحكم له، ومقابلة الأرواح بعضها لبعض، ومحاربتها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام، ومحاربتها وآلتها سواء، بل الأصل في المحاربة، والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها.
ولكن من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحس عليه، وبعده عن عالم الأرواح، وأحكامها، وأفعالها.
والمقصود: أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة واستعانت بالنفث والتفل، قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة، فأزالته، والله تعالى أعلم (زاد المعاد): 4 / 178 - 180.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391