الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحل على سخطك، لك العتبي حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.
فلما رآه ابنا ربيعة - عتبة وشيبة - وما لقي، تحركت له رحمهما (1)، فدعوا غلاما لهما نصرانيا، يقال له: عداس، فقالا له: خذ قطفا من هذا العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل، فقل له يأكل منه، ففعل عداس، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: كل، فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فيه قال: باسم الله، ثم أكل، فنظر عداس في وجهه ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟ قال:
نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرية الرجل الصالح يونس بن متي؟ فقال له عداس: وما يدريك ما يونس بن متى؟
قال: ذلك أخي كان نبيا، وأنا نبي، قال: فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه، ويديه، و [قدميه] (2).
قال: يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أما غلامك، فقد أفسد عليك، فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس، ما لك تقبل رأس هذا الرجل، ويديه، وقدميه؟! قال: يا سيدي! ما في الأرض [شئ] (3) خير من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي، قال: ويحك يا عداس! لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعا إلى مكة، حين يئس من