الآخر: أما وجد الله أحدا يرسله غيرك؟ وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدا، لئن كنت رسولا من الله كما تقول، لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله، ما ينبغي لي أن أكلمك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم، و [قد] يئس من خير ثقيف، وقد قال لهم - فيما ذكر لي -: إذا فعلتم ما فعلتم، فاكتموا عني (1).
وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ ذلك قومه، فيذئرهم (2) ذلك عليه، فلم يفعلوا، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم، يسبونه، ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، [وألجأوه] (3) إلى حائط (4) لعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وهما فيه، ورجع عنه سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعهد إلى ظل حبلة (5) من عنب فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف.
وقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - المرأة [التي] (6) من بني جمح، فقال لها: ماذا لقينا من أحمائك؟ فلما اطمأن، قال - فيما ذكر لي -: اللهم إليك [أشكو] ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت، رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني (7)؟ أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بوجهك الذي أشرقت له