السماء فوقع في قبة رابية فدقه حتى طحنه، فاختلط ذهبه وفضته، ونحاسه وحديده وفخاره، حتى تخيل إليك أنه لو اجتمع جميع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك، ولو هبت ريح لأذرته، ونظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو يعظم وينتشر حتى ملأ الأرض كلها، فصرت لا ترى إلا السماء والحجر، قال له بختنصر: صدقت! هذه الرؤيا التي رأيت، فما تأويلها؟ قال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي أوسطه وفي آخره، وأما الذهب فهذا الزمان وهذه الأمة التي أنت فيها وأنت ملكها، وأما الفضة فابنك يملكها من بعدك، وأما النحاس فإنه الروم، وأما الحديد ففارس، وأما الفخار فأمتان يملكهما من بعدك امرأتان: إحداهما في مشرق اليمن والأخرى في غربي الشام، وأما الحجر الذي قذف به الصنم فدين يقذف الله به الأمم في آخر الزمان ليظهره عليها، فيبعث الله نبيا أميا من العرب فيدوخ الله به الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوخ أصناف الصنم، ويظهره على الأديان والأمم، كما رأيت الحجر ظهر على الأرض وانتشر فيها حتى يملأها، فيمحص الله به الحق ويزهق الباطل، ويهدي [به] (1) أهل الضلالة، يعلم به الأميين، ويقوي به الضعيف ويعز به الأذلاء، وينصر به المستضعفين. قال بختنصر: ما أعلم أحدا استعنت منذ وليت الملك على شئ غلبني غيرك، ولا أحد له عندي يدا أعظم من يدك، وأنا جازيك بإحسانك.. وذكر القصة.
ورويت هذه القصة أيضا عن وهب بن منبه، وقال ابن إسحاق: كان فيما بلغني عما وضع عيسى ابن مريم عليه السلام فيما جاءه من الله تعالى لأهل الإنجيل في الإنجيل من صفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (2): اللهم (3) من أبغضني فقد أبغض الرب، ولولا أني صنعت بحضرتكم (4) صنائع ما كانت لكم (5) خطيئة، ولكن [من] (6) الآن بطروا وظنوا أنهم يعزونني ولكن لا بد أن تتم الكلمة (7) التي في الناموس أنهم