فقال: إن أبي كتب لي كتابا من التوراة ودفعه إلي وقال: اعمل بهذا واتبعه، وأخذ علي حق الوالد على الولد أن لا أفض هذا الخاتم، وختم على سائر كتبه، فلما رأيت الإسلام قد ظهر ولم أر إلا خيرا قالت لي نفسي: لعل أباك غيب عليك علما، ففضضت هذا الخاتم فإذا فيه صفة محمد (صلى الله عليه وسلم) وأمته، فجئت الآن وأسلمت. وقد تقدم في ذكر حلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصفحه، حديث إسلام زيد بن سعنة، وفيه:
قال زيد: ما من علامات النبوة شئ إلا وقد عرفته في وجه محمد سوى آيتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما.
وخرج ابن حبان من حديث أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أسامة بن زيد (1) قال: قال زيد بن عمرو بن نفيل: قال لي حبر من أحبار الشام:
قد خرج نبي في بلدك أو هو خارج قد خرج نجمه، فارجع فصدقه واتبعه وآمن به.
ولأبي نعيم من حديث سلمة بن كهيل عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن دحية الكلبي قال: بعثني النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى قيصر صاحب الروم بكتاب، فاستأذنت فقلت: استأذنوا لرسول رسول الله، فأتى قيصر فقيل: إن على الباب رجلا يزعم أنه رسول رسول الله، ففزعوا لذلك. قال: أدخلوه، فدخلت عليه وعنده بطارقته، فأعطيته الكتاب فقرئ عليه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى قيصر صاحب الروم، فنخر ابن أخ له أحمر أزرق سبط الشعر فقال:
لا يقرأ الكتاب اليوم، لأنه بدأ بنفسه، وكتب صاحب الروم ولم يكتب ملك الروم، قال: فقرئ الكتاب حتى فرغ منه، ثم أمرهم قيصر فخرجوا من عنده ثم بعث إلي فدخلت إليه فسألني فأخبرته، فبعث إلى الأسقف فدخل عليه وكان صاحب أمرهم يصدرون عن قوله ورأيه، فلما قرأ الكتاب قال الأسقف: هو والله الذي بشرنا به عيسى وموسى الذي كنا ننتظره، قال قيصر: فما تأمرني؟ قال الأسقف: أما أنا فإني مصدقه ومتبعه، فقال قيصر: إني أعرف أنه كذلك، ولكن