وكان أسقف من القبط هو رأس الكنيسة، أبى [يحسر] (1) كانوا يأتونه بمرضاهم فيدعو لهم، لم أر أحدا إلا يصلي الصلوات الخمس أشد اجتهادا منه، فقلت: أخبرني هل بقي أحد من الأنبياء؟ قال: نعم، وهو آخر الأنبياء ليس بينه وبين عيسى ابن مريم أحد، وهو بني قد أمرنا عيسى باتباعه، وهو النبي الأمي العربي، اسمه أحمد.
ليس بالطويل ولا بالقصير، في عينيه حمرة، ليس بالأبيض ولا بالأدم، يعفي شعره ويلبس ما غلظ من الثياب، ويجتزئ بما لقي من الطعام، سيفه على عاتقه، ولا يبالي بمن لاقى، يباشر القتال بنفسه، ومعه أصحابه يفدونه بأنفسهم، هم له أشد حبا من أولادهم وآبائهم، يخرج من أرض القرظ، ومن حرم يأتي وإلى حرم يهاجر إلى أرض سباخ ونخل، يدين بدين إبراهيم عليه السلام.
قال المغيرة بن شعبة: زدني في صفته، قال: يأتزر على وسطه، يغسل أطرافه، ويحض بما لا يحض به الأنبياء قبله، كان النبي يبعث إلى قومه وبعث إلى الناس كافة، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أينما أدركته الصلاة تيمم وصلى، ومن كان قبله مشددا عليهم، لا يصلون إلا في الكنائس والبيع، قال المغيرة: فوعيت ذلك كله من قوله وقول غيره وما سمعت من ذلك.
فذكر الواقدي (2) حديثا طويلا في رجوعه من عند المقوقس ومجيئه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: فأسلمت ثم أخبرته (صلى الله عليه وسلم) عن مخرجنا من الطائف وقدومنا الإسكندرية، وأخبرته بما قال الملك وما قال الأساقفة الذي كنت أسائلهم وأسمع منهم ومن رؤساء القبط والروم فأعجب ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأحب أن يسمعه أصحابه، فكنت أحدثهم ذلك في اليومين والثلاثة.
وخرج الحسن بن سفيان من حديث ملازم بن عمرو، حدثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: خرجنا وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ منه