عبد الله بن عبد الله بن المدان الحاوي (1)، فلما دخل بسر اليمن قتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله ابن عباس وفيه ابنان صغيران له فقتلهما وهما عبد الرحمن وقثم، ويقال إن بسرا قتل خلقا من شيعة علي في مسيره هذا وهذا الخبر مشهور عند أصحاب المغازي والسير، وفي صحته عندي نظر والله تعالى أعلم. ولما بلغ عليا خبر بسر وجه جارية بن قدامة في ألفين، ووهب بن مسعود في ألفين، فسار جارية حتى بلغ نجران فخرق بها وقتل ناسا من شيعة عثمان، وهرب بسر وأصحابه فاتبعهم حتى بلغ مكة، فقال لهم جارية:
بايعوا فقالوا: لمن نبايع وقد هلك أمير المؤمنين فلمن نبايع؟
فقال: بايعوا لمن بايع له أصحاب علي، فتثاقلوا ثم بايعوا من خوف، ثم سار حتى أتى المدينة وأبو هريرة يصلي بهم فهرب منه فقال جارية: والله لو أخذت أبا سنور لضربت عنقه، ثم قال لأهل المدينة: بايعوا للحسن بن علي، فبايعوا وأقام عندهم ثم خرج منصرفا إلى الكوفة وعاد أبو هريرة يصلي بهم. قال ابن جرير: وفي هذه السنة جرت بين علي ومعاوية المهادنة بعد مكاتبات يطول ذكرها على وضع الحرب بينهما، وأن يكون ملك العراق لعلي ولمعاوية الشام، ولا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش ولا غارة ولا غزوة. ثم ذكر عن زياد عن ابن إسحاق ما هذا مضمونه أن معاوية كتب إلى علي: أما بعد فإن الأمة قد قتل بعضها بعضا يعني فلك العراق ولي الشام.
فأقر بذلك علي رضي الله عنه. وأمسك كل واحد منهما عن قتال الآخر، وبعث الجيوش إلى بلاده، واستقر الامر على ذلك. قال ابن جرير: وفي هذه السنة خرج ابن عباس من البصرة إلى مكة وترك العمل في قول عامة أهل السير، وقد أنكر ذلك بعضهم وزعم أنه لم يزل عاملا على البصرة حتى صالح علي معاوية، وأنه كان شاهدا للصلح، ممن نص على ذلك أبو عبيدة كما سيأتي. ثم ذكر ابن جرير سبب خروج ابن عباس عن البصرة وذلك أنه كلم أبا الأسود الدؤلي القاضي بكلام فيه غض من أبي الأسود فكتب أبو الأسود إلى علي يشكو إليه ابن عباس وينال من عرضه فإنه تناول شيئا من أموال بيت المال فبعث علي إلى ابن عباس فعاتبه في ذلك وحرر عليه التبعة فغضب ابن عباس من ذلك وكتب إلى علي: ابعث إلى عملك من أحببت فإني ظاعن عنه والسلام. ثم سار ابن عباس إلى مكة مع أخواله بني هلال وتبعهم قيس كلها، وقد أخذ شيئا من بيت المال مما كان اجتمع له من العمالة والفئ، ولما سار تبعته أقوام أخر فلحقهم بنو غنم وأرادوا منعهم من المسير فكان بينهم قتال، ثم تحاجزوا ودخل ابن عباس مكة.
ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وما ورد من الأحاديث النبوية من الاخبار بمقتله وكيفيته كان أمير المؤمنين رضي الله عنه قد تنغصت عليه الأمور، واضطرب عليه جيشه، وخالفه